كتابات

خطوة صحيحة

توفيق الحاج:

في خطوة حاسمة، اتخذ مجلس القيادة الرئاسي قرارًا تاريخيًا بكشف جزء من قضايا الفساد واختلاس الأموال العامة ليعكس بذلك رغبة وإرادة في مكافحة الفساد واستعادة المال العام، هذه الخطوة تمثل بداية طريق طويل نحو بناء دولة مؤسسات، حيث يكون الشفافية والمسؤولية هما الأساسان اللذان يرتكز عليهما أي إصلاح حقيقي في هيكل الدولة.

إن هذه الخطوة بمثابة إشارة قوية إلى أن الفساد لن يكون بعد اليوم مقبولًا أو مستترًا، وأن هناك إرادة سياسية حقيقية لإعادة الأموال المنهوبة إلى خزينة الدولة، وتصحيح المسار الذي طالما أثقل كاهل المجتمع والاقتصاد الوطني.

إن كشف هذه القضايا يمثل استجابة ضرورية لتطلعات الشعب اليمني الذي عانى طويلاً من هدر المال العام، والعبث بمقدرات الوطن، هذه الخطوة لا تقتصر على تسليط الضوء على الفساد فقط، بل تأتي أيضًا في إطار تعزيز الثقة بين المواطنين، والقيادة السياسية، وتأكيد التزام الحكومة بالقيم بتحقيق العدالة، إنها رسالة واضحة مفادها أن الحكومة لا تتهاون مع المفسدين، بل ستعمل بكل قوتها على ملاحقتهم، وتقديمهم للمحاسبة القانونية.

ومع ذلك، فإن هذه الخطوة تظل جزءًا في مسار أطول يتطلب المزيد من الإجراءات الفعالة والمستمرة، يجب أن يتبعها تعزيز صلاحيات جهاز الرقابة والمحاسبة، ومنحه الحق الكامل في الوصول إلى المعلومات، والتتبع المالي، والتحقيق في العمليات المالية دون أي قيود أو مماطلة.

إن تمكين جهاز الرقابة من القيام بدوره بشكل مستقل وفعال هو شرط أساسي لتحقيق العدالة الاقتصادية، وضمان محاربة الفساد بشكل جدي، ومن هنا يمكن اقتراح عدة خطوات إضافية في هذا السياق: تعزيز استقلالية جهاز الرقابة والمحاسبة، تفعيل الشفافية في إدارة المال العام، وإنشاء نظام رقابي، هيئات رقابية في كل وزارة أو مؤسسة حكومية، تكون مسؤولة عن مراقبة وتنظيم استخدام الأموال داخلها، مما يعزز المساءلة، وتطوير آليات مكافحة الفساد قانونية ومرنة تتيح محاكمة المفسدين بسرعة وفعالية، مع ضمان محاكمة عادلة، وتفعيل المراجعات المالية بشكل مستمر.

إن هذه الخطوات، إلى جانب القرار الذي اتخذته القيادة الرئاسية، ستشكل أساسًا متينًا لإصلاح الجهاز الحكومي، وتعزيز الثقة العامة في قدرة الحكومة على إحداث التغيير، ومن خلال هذه الجهود، سيُفتح الباب أمام مستقبل مشرق، حيث تكون العدالة والشفافية هما الركيزتان اللتان تُبنى عليهما دولة اليمن الحديثة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى