كتابات

الأحرار يقفون على أرضية مشتركة

احمد عبدالملك المقرمي:

 كل شعب حر، أو مجتمع حي يقف على أرضية مشتركة واحدة، و بتعبير آخر له في ثقافتنا تأصيل؛ يقف على سفينة واحدة.

   مَن على ظهر هذه السفينة يحرصون على سلامتها؛ لأن في سلامتها سلامتهم؛ أمنا و استقرارا، و حياة. و في اضطرابها قلق،و فزع، و خوف من الدمار.

   اليمن سـفينة كل اليمنـيين، و الحفاظ عليها، و الدفاع عنها، و بذل الجهود لتأمين سلامتها واجب الجميع بمختلف أطيافهم و ألوانهم، و مشاربهم. و أي محاولة لإحداث خرق فيها فهو عمل يهدد الجميع.

   الطموحات الصغيرة، و المشاريع الضيقة، تقفز على الأرضية المشتركة، و تتجاوز نقاط الوحدة و الاتحاد الكثيرة الجامعة، لتتقزم بمنطق ملوك الطوائف، فتَغرَق بنقطةخلافية، و تتكوّم في زاوية من السفينة ، و على شبر من الأرض بِوَهْم أن تبني عليه أوهامها، و أحلامها و مزاعمها، بعقلية أبي عبدالله الصغير في غرناطة، أو بني الأفطس في بطليوس، أو المعتمد بن عباد في إشبيلية … و غيرهم ممن شــــاركوا في تحطــيم بــــلاد الأندلـس  و تدمير الســـفينة ، و تقطيع الأرض ، و تحويل السفينة إلى قوارب لا تنجي من غــرق ، و لا تصمد لعــاصفة ، و شطب كل نقاط القوة من وحدة و اتحاد، و التشبّث بنقطة الخــــــلاف و الشـــــقاق ، التي ما عـادوا معها يرون الدنيـــــا و الحــاضر و المسـتقبل إلا من خـلال شــــقوق ضـيقة في نقاط الخـلاف ، و تحولت الأندلس ــ الدولة الواحدة ـ التي مثّلت مركز الإشعاع الحضـــــاري مدة طويلة من الـزمن ، إلى قـرى ، و مدن ممزقة و بمسميات تشبع غـــــرور الصغار، فإذا بتلك القـــرى و المـدن قد غدت بمسميات ممالك ، و هي حالة لخصها ابن شرف الأندلسي بقوله:

      مما يُزَهّدني في أرض أندلس

      أسماء معتضد فيها و معتصم

      ألقاب مملكة في غير موضعها

      كالهر يَحكي انتفاخا صولة الأسد

   البلد الذي يُقَطّع يسهل التهامه، و الجسد الذي يتمزق يسهل أكله.. و هكذا كانت عاقبة ملوك الطوائف.. أرسلتها عائشة الحرة، كلمة باقية، تخاطب فيها الكبار؛ ليتعظوا فيتجنبوا مصارع الضياع، و تُنبه الصغار كي لا ينقادوا لمغريات التقزم، قالت عائشة الحرة توبّخ ابنها ــ  أبو عبد الله الصغير ــ آخر ملوك غرناطة الذي سلم مفاتيحها للفرنج،و غادرها باكيا :

      إبكِ مثل النساء ملكا مُضَاعا

      لم تحافظ عليه مثل الرجال

   عشاق نقاط الخلاف الصغيرة ؛ صغار مثلها، و المهووسون بالمشاريع الضيقة ؛ ضَيّقُو الأفق، و هذه العقليات المسكونة بحب النقاط الخلافية، و سهولة قيادة القوارب الصغيرة يتعامون عن إدراك مصير سلفهم أبي عبد الله الصغير. فنقاط الخـــلاف الصــــغيرة القليلة، تكون على حســـاب نقاط القوة و النقاط الكثيرة المشتركة، و الطموح المتقزم يكون على حساب الطموح الكبير الجامع.

   اليمن، الشعب، الحرية، العدالة،  الوحدة و الاتحاد، الجيش الوطني، المشروع الوطني الجامع .. هذه أسس لا ينبغي أن تكون محل تنابز او تحقير، أو تناولات تهكمية.

    من مثال ذلك ؛ تلك التناولات التي ذهبت تفتري على تعـــــز و تصورها كأنها غابة متوحشة، أو تقلل و تحقر من شأن جيش و أمن تعز. و كل أولئك الذين يتناولونها،يعيشون بأمن و سلام فيها بفضل الله، و بسبب صمود و كفاح و مقاومة هذا الجيش، الذي بلا مرتبات، و لا تغذية.

   إن على كل يمني حر أن يتنبه من إعادة الحملات الإعلامية المغرضة التي سبقت يوم 21 سبتمبر النكبة، الذي مهد الطريق لذلك الانقلاب الكارثة،  و هناك من يريد اليوم أن يعيد و يكرر ذلك العفن الإعلامي في خدمة واضحة لكل حر أنها إنما تخدم المشروع الظلامي للحوثي، الذي هو العدو للحاضر و المستقبل و واجب اليمنيين جميعا التصدي له بكل قوة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى