مدير تربية حجة الدكتور يحيى القفيلي ل”حجة برس”: التعليم لدى الحوثي أداة لتكريس الطائفية وتجنيد الأطفال
حجة برس – لقاء خاص:
في ظل ظروف استثنائية يعيشها قطاع التعليم في اليمن، يقف المعلمون والقيادات التربوية في مواجهة تحديات جسيمة فرضتها الحرب والسيطرة الحوثية على العديد من المحافظات، ومنها محافظة حجة. هنا، يتضاءل التعليم النظامي أمام محاولات التطييف والتعبئة الفكرية، وتصبح المدارس والمناهج ساحة لصراع الهوية والانتماء.
للوقوف على واقع العملية التعليمية في محافظة حجة، والجهود المبذولة لإعادة الروح إلى المدارس في المناطق المحررة، بالإضافة إلى استيضاح مخاطر المراكز الصيفية الحوثية وتطييف المناهج، أجرينا هذا الحوار مع الدكتور يحيى القفيلي، مدير مكتب التربية والتعليم بالمحافظة. في حديث صريح، يكشف الدكتور القفيلي عن واقع مرير يعيشه التعليم تحت سيطرة الحوثيين، ويستعرض الإنجازات التي تحققت رغم التحديات، كما يوجه رسائل مهمة لأولياء الأمور والمعلمين والشباب.
– دكتور يحيى، بدايةً نود أن نعرف منكم كيف تقيّمون وضع العملية التعليمية في مديريات محافظة حجة خاصة الواقعة تحت سيطرة مليشيات الحوثي، في ظل التحديات التي تفرضها على القطاع التربوي؟
الوضع التعليمي في محافظة حجة يواجه تحديات جسيمة في ظل سيطرة المليشيات الحوثية التي لا تولي العملية التعليمية اهتماماً حقيقياً، بل تستخدمها كأداة لتكريس فكرها الطائفي وتجنيد الأطفال.
هناك تراجع كبير في جودة التعليم، وضعف في البيئة التعليمية، إضافة إلى التعديات المستمرة على المؤسسات التربوية وتحويلها إلى مراكز تعبئة فكرية وطائفية.
– ما الانجازات التي حققها مكتب التربية والتعليم في المناطق المحررة في محافظة حجة؟
وما أهم العوائق التي تعترضكم؟
– تم بحمدالله إحياء العملية التربوية والتعليمية بمديرية حيران وميدي والمناطق المحررة من مديريتي عبس وحرض، وبدأنا من الصفر بعد أن دمرت المليشيات الحوثية كل شيء وتم العمل في ٢٠ مدرسة اساسية وثانوية، وبذلنا جهودا مع قيادة السلطة المحلية وقيادة المنطقة الخامسة في إعادة العملية التعليمية، وبالتعاون من قبل الأشقاء تم تعويض المدارس المدمرة بفصول بديلة مع الاثاث والمقاعد المدرسية وطباعة كمية من المناهج المدرسية، ثم بالتواصل مع وزارة التربية والتعليم تم طباعة كميات جيدة من المناهج وإرسالها إلى المناطق المحررة، ولا زال الاحتياج قائم، حيث تم استيعاب قرابة ٥ الف طالب وطالبة، وتم اعتماد مركزا امتحانيا للمرحلة الثانوية، وها نحن نستعد لإنجاز امتحانات المرحلة الثانوية للعام الثالث على التوالي.
المراكز الصيفية الحوثية:
– برأيكم، لماذا يهتم الحوثيون بإقامة المراكز الصيفية وفي المقابل يقومون بإهمال التعليم بمراحله المختلفة؟
الحوثيون لا يهتمون بالتعليم بصفته وسيلة لبناء الإنسان وتطوير الوطن، بل ينظرون إليه كأداة لتشكيل العقول بما يخدم مشروعهم الطائفي، ولذلك يركزون على المراكز الصيفية التي تعد بيئة مناسبة لبث أفكارهم المتطرفة بعيداً عن رقابة المجتمع، في مقابل تهميش المدارس النظامية التي تعتمد على مناهج وطنية وتربوية.
– كيف تنظرون إلى أهداف وأبعاد المراكز الصيفية التي تنظمها جماعة الحوثي؟
هذه المراكز تهدف بالدرجة الأولى إلى غسل أدمغة الطلاب والنشء، وتجنيدهم أيديولوجياً ضمن مشروع سلالي وطائفي دخيل على المجتمع اليمني. أبعادها تتجاوز حدود التعليم، لتصل إلى تشكيل جيل مفخخ بالأفكار المتطرفة، مما يهدد النسيج الاجتماعي ومستقبل الوطن.
– ما تأثير هذه المراكز على المجتمع حاضرا ومستقبلا؟
تأثيرها كارثي على الحاضر والمستقبل. حاضراً، تعزز الانقسام المجتمعي، وتفكك القيم الوطنية، وتزج بالأطفال في أتون الصراع، أما مستقبلاً، فهي تهدد بنشوء جيل مشوّه فكرياً، يفتقد للهوية الوطنية والانتماء الجامع، ويُشكّل عبئاً على عملية السلام والتنمية.
– ما مدى تفاعل المجتمع وشبابه مع مراكز الحوثيين الصيفية؟
هناك حالة من الاستياء المجتمعي، ورفض متزايد لهذه المراكز، لكن الظروف المعيشية الصعبة والضغوط الأمنية تدفع بعض الأهالي إلى إرسال أبنائهم مضطرين. ومع ذلك، فإن نسبة المشاركة ليست عالية مقارنة بعدد الطلاب، وهناك وعي متنامٍ بخطورة هذه المراكز.
– هل يتم توثيق انتهاكات الحوثيين بحق القطاع التربوي؟
نعم، نحن نعمل بشكل مستمر على توثيق كافة الانتهاكات التي تطال المعلمين، والمدارس، والمناهج، ونُعد تقارير مهنية يتم مشاركتها مع الجهات المعنية والمنظمات المحلية والدولية.
تطييف المناهج الدراسية:
– كيف تنظرون إلى خطورة التغييرات الحوثية على المناهج الدراسية؟
هذا التوجه من قبل جماعة الحوثي الإرهابية ينسف الهدف الأساسي من التعليم، ويشكل تهديداً مباشراً لوحدة النسيج الاجتماعي والهوية الوطنية، فهو استهداف مقصود لتربية جيل لا يعرف سوى العنف والطائفية والولاءات الضيقة.
– ما الجهود التي يبذلها مكتب التربية لمواجهة هذا الانحراف؟
نقوم بتوعية المعلمين والأهالي، ونحاول توفير نسخ بديلة من المناهج الأصلية في المناطق المحررة، كما ننسق مع وزارة التربية والتعليم في الحكومة الشرعية لتحديث وتوزيع المناهج السليمة، ونشجع على التعليم البديل عن بُعد إن أمكن.
– ما البدائل التربوية المناسبة التي تستوعب الشباب في الإجازة الصيفية خاصة في المناطق المحررة؟
نعمل على تنظيم أنشطة تعليمية وثقافية ورياضية في المدارس والنوادي الصيفية بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني، ونسعى إلى توفير بيئة آمنة للشباب تُمكنهم من تنمية مهاراتهم وتوسيع مداركهم بعيداً عن الاستقطاب الطائفي.
رسائل ختامية:
– ما رسالتكم لأولياء الأمور والمعلمين والشباب في مناطق سيطرة الحوثيين؟
رسالتي إلى أولياء الأمور: أبناؤكم أمانة، حافظوا عليهم من الأفكار المتطرفة والمشاريع الطائفية، لا تسمحوا باستغلال براءتهم في صراعات لا ناقة لهم فيها ولا جمل.
وإلى المعلمين: كونوا حصناً منيعاً ضد التطييف، وغرسوا في طلابكم حب الوطن والانتماء له.
وإلى الشباب: مستقبلكم أغلى من أن يُباع في سوق الطائفية، تمسكوا بالعلم الصحيح، وكونوا أدوات بناء لا أدوات هدم.