الوحدة وأهداف ثورة سبتمر
الدكتور/ عبدالحميد الأشول:
الوحدة هدف وطني صنعته الثورة وحققه الشعب، بعد أن قضى على فلول الإمامة الكهنوتية وأذيالها في اليمن ، ولن يفرط الشعب في وحدته أو يتنازل عنها بمجرد ظهور أدواتها من جديد، وتسللهم في الساحة خلسة؛ ليحاولوا النيل من أهداف ثورته او ينتقموا من مقاومته.
فالهدف الخامس من أهداف ثورة 26سبتمبر يعد الركيزة الأساس الذي ظهرت فيه إرادة اليمنيين وحكمتهم، وتجلت فيه تضحياتهم وبطولاتهم، وصناعة أولوياتهم، وبراعتهم في تغليب مصلحة الوطن على كل المصالح ، و اتخاذ الموقف الوطني الجريء والشجاع في الوقت المناسب، ليكون منارة للأجيال وشامة في جبين الزمن . وإذا كان نص الهدف الخامس من أهداف ثورة ال 26 من سبتمبر يتضمن ( العمل على تحقيق الوحدة الوطنية في نطاق الوحدة العربية الشاملة) فإن الأصل أن تحقيق الوحدة اليمنية هي بوابة مشرعة لتحقيق ما هو أكبر وأسمى في إطار بناء وتوحيد واستكمال ترميم البيت العربي الكبير لا أن تجرنا الخيبة والحماقة إلى العودة للوراء والنكث أو التفريط بما تحقق وتم إنجازه.
والذي يتمعن في مضمون هذا الهدف السامي وأبعاده وثماره وانعكاساته ونفعه على واقع الأمة اليمنية يطمئن إلى حقيقة مفادها انه لا يوجد في تاريخ البشرية أناس يرسمون أهدافهم بعناية ويضحون في سبيلها بسخاء ،ثم يقومون بهدمها أو التحول إلى النقيض منها، إنما يتوارثونها حتى تتحق وتجني ثمارها الأجيال حتى تستكمل، فإذا ما ظهر من يتعلق بذلك النقيض أو يسير في فلكه ؛ يعدونه حالة طارئة تستوجب التعامل بحكمة وعقل وموقف ، حتى يعود لرشده ويرجع إلى صوابه.
كل بلاء حل بالأمة العربية كان مصدره الفرقة والشتات والتمزق والخروج عن الأصل ومغادرة محضن الاعتصام البشري السوي والتنكر لجميل ومحامد الفطرة السليمة .
وليس أمام المجتمع المتماسك إلا أن يحافظ على سفينة الوحدة التي تمخر في بحر لجي ليصل بها إلا بر الأمان، حتى يسلم هو وتسلم السفينة ومن يريد أن ينال منها او يحاول اختراق فتحة صبيانيه أنانية لتحقيق مطامعه الضيقة وفقا لرؤيته القاصرة.
وبعد مرور ستين عقدا من تاريخ بناء هدف الوحدة الوطنية وأكثر من منتصفه من تاريخ تحقيقها يحق لليمنيين أن يباهوا بامتداد عمر الوحدة والحفاظ عليها مهما كلفهم، لسبب بسيط وملموس؛ أنهم يحترمون أفق تاريخهم ومساحة جغرافيتهم واستيعاب إطارهم الزمني، وهويتهم الوطنية، وينظرون إلى أهدافهم التي بذل آباؤهم في سبيلها التضحيات الجسام بإعجاب وصدق تعامل وجدية وتقدير.
ولأن الوحدة هدف يمني خالص امتزج فيه روح الشهيد وأمل الجريح وتفاؤل المناضل المتطلع لمستقبل واعد فإن النيل منه صعب واستهدافه غير ممكن، ومع ذلك لا ينبغي التساهل أو الركون إلى الفتور ، فالجميع معنيون بالاصطفاف الوطني الذي يحفظ لذلك الهدف ألقه وحضوره ومكانته.
ومن البشائر التي ترد في هذا السياق أننا نرى كل يوم سقوط أوراق أصحاب المشاريع الضيقة؛ إمامية كانت ام تشطيرية، وظهور ما كان خاف عن المجتمع، في ظل الوعي الجمعي ، والحضور الثوري المقاوم، وتكاثر أصحاب سواد الصف الوطني الواحد الذين ينظرون لأصحاب تلك المشاريع أنهم أدوات نفعية متنقلة لا يملكون مشروعا جماهيريا ولا يحملون راية وطنية ولا يخططون لهدف وطني عظيم؛ يذكرهم به الجيل: حاضرا أومستقبلا.