معانات المواطن ومسؤلية الدولة
أ. أحمد حسين واصل:
ما يمر به المواطن في مناطق الشرعية من غلاء فاحش في الأسعار وانهيار مروع للعملة ومستوى متدن في الدخل لا يجب السكوت عنه بل رفع الصوت عاليا من الجميع ومن رواد الكلمة وأصحاب الأقلام ومواقع التواصل الاجتماعي بصورة خاصة حتى يطرق هذا الصوت مسامع أصحاب القرار ليل نهار لأن عجلة التدهور مستمرة وتنذر بعواقب وخيمة كما جاء على لسان أصحاب الاختصاص في مقابلات أو كتابات..
إن تبني هموم المواطن وبيان معاناته وشظف حياته المعيشية وقسوتها من أقدس الواجبات ومن أهم الأعمال والقربات على أصحاب الرأي وأرباب القلم وذوي المواهب المختلفة ..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أحبُّ الناسِ إلى اللهِ أنْفَعُهُمْ لِلنّاسِ، وأحبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سُرُورٌ يدْخِلُهُ على مسلمٍ، أوْ يكْشِفُ عنهُ كُرْبَةً، أوْ يقْضِي عنهُ دَيْنًا، أوْ تَطْرُدُ عنهُ جُوعًا، ولأنْ أَمْشِيَ مع أَخٍ لي في حاجَةٍ أحبُّ إِلَيَّ من
أنْ أعْتَكِفَ في هذا المسجدِ-يعني: مسجدَ المدينةِ- شهرًا، ومَنْ كَفَّ غضبَهُ سترَ اللهُ عَوْرَتَهُ، ومَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ ولَوْ شاءَ أنْ يُمْضِيَهُ أَمْضاهُ مَلأَ اللهُ قلبَهُ رَجاءً يومَ القيامةِ، ومَنْ مَشى مع أَخِيهِ في حاجَةٍ حتى تتَهَيَّأَ لهُ أَثْبَتَ اللهُ قَدَمَهُ يومَ تَزُولُ الأَقْدامِ، [و إِنَّ سُوءَ الخُلُقِ يُفْسِدُ العَمَلَ، كما يُفْسِدُ الخَلُّ العَسَلَ]الراوي: عبدالله بن
عمر • الألباني، السلسلةالصحيحة (٩٠٦) •صحيح •
ويقول صلى الله عليه وسلم:” مَن نَفَّسَ عن مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِن كُرَبِ الدُّنْيا، نَفَّسَ اللَّهُ عنْه كُرْبَةً مِن كُرَبِ يَومِ القِيامَةِ، وَمَن يَسَّرَ على مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللَّهُ عليه في الدُّنْيا والآخِرَةِ، وَمَن سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللَّهُ في الدُّنْيا والآخِرَةِ، واللَّهُ في عَوْنِ العَبْدِ ما كانَ العَبْدُ في عَوْنِ أَخِيهِ..الحديث”الراوي: أبو هريرة • مسلم، صحيح مسلم (٢٦٩٩) •
أما أصحاب القرار فيجب أن يتحملوا مسؤليتهم تجاه من ولاهم الله المسؤلية عنهم بتأمينهم وتأمين مأكلهم ومشربهم وإذا لم يقوموا بذلك فما الفائدة من تقلدهم لمناصبهم… وعليهم أن يعلموا أن هذا الانهيار الاقتصادي المروع لم يكن إلا في ظل قيادتهم الحالية..
إن مما يؤسف له أن هذه القيادة تستلم رواتبها بالعملة الصعبة وشعبها يتضور جوعا وقد تم مناشدتها والمناداة لها باتخاذ قرار شجاع وجرئ باعتماد مرتباتها بالعملة المحلية لكي تحس وتلمس ولو جزءا يسيرا من المعاناة التي يعاني منها المواطن لكن لم تجرؤ على ذلك ولم تعر لهذه المناشدة وهذا النداء أدنى إهتمام..
لقد أسمعت لوناديت حيا… ولكن لا حياة لمن تنادي..
ومما يؤسف له أيضاً التوسع في التمثيل الدبلوماسي والتضخم في الهيكل الإداري الأعلى للدولة الذي له الأثر السلبي على اقتصاد البلاد وخاصة في هكذا وضع وعدم استعداد قيادة الدولة في التقليص من هذا التصخم..
وهذا مما يدلل على عدم جديتها في معالجة الوضع الاقتصادي المنهار وعدم اكتراثها بالمواطن الذي يطحنه الجوع والعوز ..
ولو افترضنا أنه وصل بهم العجز إلى عدم القدرة على ذلك وعدم القدرة على المعالجة الفعلية لهذه المعضلة فليعلنوا ذلك وليتركوا الفرصة لغيرهم ولن يُعدم الشعب في إيجاد من يخلفهم بخير منهم..
فلن يشرف أحد منهم البقاء في المسؤلية في ظل وضع كهذا والتأريخ لن يرحم أحدا..
نريد نرى من ينتفض منهم وتأخذه الغيرة على جوع شعبه وعوزه فيعلن رفضه لهذا الحال ويقدم استقالته ما دام أنه عاجز عن المساهمة في الحل حتى نعرف أنه لا زال هناك بقية ممن يستشعر المسؤلية ويحترم نفسه ويضحي من أجل شعبه..
ومن لم يستعد في التضحية بمسؤليته من أجل شعبه فلا يستحق المسؤلية في دولته.
إن ما تقوم به قيادة الشرعية من ترقيع بزعم إصلاحات اقتصادية لم ينتج عنها إلى الآن إلا مزيدا من انهيار للعملة وارتفاع جنوني في الأسعار..
نريد أن نرى ونسمع عن خطوات ومعالجات عملية ينتج عنها أثر واضح أمام أعين الناس يلمسوه في واقع معيشتهم.