الحوثي.. عنتريات طائشة يدفع ثمنها اليمنيون
حجة برس – الصحوة نت:
في الوقت الذي اكتفى فيه وكلاء إيران في المنطقة، مثل حزب الله اللبناني وميليشيات الحشد الشعبي العراقية، بإصدار بيانات مؤيدة لطهران عقب تصعيدها العسكري مع إسرائيل، اختارت ميليشيات الحوثي إثبات ولائها بالفعل، من خلال إطلاق صواريخ ومسيرات باتجاه إسرائيل، في مغامرة جديدة على حساب مصالح اليمنيين.
لقد استغل الحوثيون الهجوم الإسرائيلي على إيران لتأكيد التزامهم العلني بالدفاع عنها، في حين فضّلت بقية الأذرع الإيرانية تجنيب بلدانها تبعات المشاركة المباشرة، رغم أن ولاءها لطهران لا يُشكك فيه، في مغامرة جديدة تعكس تحللهم من أي مسؤولية وطنية، وكأن ما يحدث خارج اليمن أولى من مصير بلدهم المنهك.
ولاء لإيران لا اليمن
على عكس حزب الله وميليشيات العراق، التي آثرت إصدار بيانات شديدة اللهجة دون الانخراط في أي تصعيد عسكري، سارع الحوثيون إلى الميدان، كأنهم في سباق لإثبات أنهم الأوفياء الأكثر اندماجا في المشروع الإيراني. وكعادتهم، لم يضعوا في الحسبان حجم الكلفة المتوقعة على اليمن، سواء من إسرائيل أو من المجتمع الدولي، ولا خطورة الزج ببلدهم في صراع يتجاوز حدوده وإمكاناته.
لم تكن المشاركة الحوثية رمزية، بل جرت في توقيت متزامن مع الضربة الإيرانية، كما ظهر زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، مؤكدا وقوفهم مع طهران “بما يستطيعون”، وهو إعلان ولاء عسكري صريح، يعكس مستوى غير مسبوق من التنسيق العملياتي بين الحوثيين وإيران، بما يتجاوز الدور التقليدي لـ”الوكيل المحلي”.
الحوثي الأقل مسؤولية بين أذرع طهران
رغم علاقته العضوية بإيران، يدرك حزب الله أن لبنان لا يحتمل حربا جديدة، ويُدرك كذلك أن عليه مسؤولية تجاه الدولة والشعب اللبناني، والأمر ذاته ينطبق على الفصائل العراقية، التي تتحرك ضمن توازنات سياسية حساسة، بينما يتصرف الحوثيون وكأن لا بلد لهم، ولا شعب يدفع ثمن مغامراتهم.
لقد خاضوا مواجهة عسكرية خارجية لا علاقة لها باليمن، ودفع المواطنون الثمن من أمنهم واقتصادهم ومعيشتهم، بل وصل الأمر بالحوثيين وفي سبيل تعزيز موقعهم داخل “محور المقاومة”، إلى إظهار استعدادهم للتضحية بكل شيء لإثبات أنهم الأجدر بثقة طهران، حتى ولو جاء ذلك على أنقاض اليمن وبناه التحتية ومستقبله.
وبينما توازن بقية الأذرع بين ولائها لطهران ومصالح بلدانها، يبدو الحوثي وكأنه ذراع منفلت من كل التزامات سيادية، وعلى استعداد دائم لحمل السلاح متى طُلب منه، حتى دون أن يكون للحرب جدوى أو مكسب مباشر.
مقاتل مأجور أكثر من مجرد وكيل
رغم أن هذه المغامرة العسكرية لن تغيّر شيئا في موازين الصراع مع إسرائيل، تماما كما لم تغيّر الصواريخ السابقة واقع غزة، إلا أنها تُكرّس صورة الحوثي كطرف يفتقر لأي مشروع وطني، يُقاتل لأجل الآخرين، ويدفع شعبه ثمن الحروب بالوكالة.
ورغم أن مشاركته الميدانية ستُحسب له في سجل طهران، إلا أنها قد تضعه في مرمى تصنيفات إضافية كجماعة إرهابية عابرة للحدود، وتجعل اليمن أكثر عرضة للضغوط والعقوبات الدولية، ولا يزال الحوثي يدفع إلى قلب المعركة، كمن يريد إثبات أنه الابن الأكثر وفاءً، حتى لو أحرق البيت الذي خرج منه.
ما يميز الحوثي عن بقية أذرع إيران ليس فقط حماسته، بل استعداده غير المحدود للتضحية باليمن لصالح المشروع الإيراني، لا يتحرك بميزان المصالح، بل بمنطق “العقيدة العابرة للحدود”، حيث تتحول الأرض والشعب إلى وقود في معركة لا قرار لهم فيها، وفي كل مرة يكون هناك مصلحة لطهران، يكون الحوثي أول من يلبّي، وآخر من يسأل: ماذا عن بلدي؟