كتابات

عندما يدخل الظلام من نافذة النور

محمد محسن يعقوب”وكيل محافظة حجة”:

القرطاس والقلم .. رمز العلم واداة التربية والتنوير.
الحبر واللوح والمعلم والشروق وكل ابتداء وانتهاء من العنوان الى الواجب .. كلها منظمومة مخرجاتها صناعة الأجيال وتوجيه الأفكار وبرمجة الأدمغة.

الأمانة والحمل والكلمة والمعنى والمهابة والمسؤولية .. قيم تنطلق منها عملية التربية الراسخة والتعليم النجاح.
تمكنت مني حالة من الرهبة والإنفعال الذهني والروحي وانا أرى ابنائنا الطلاب والطالبات في بداية عامهم الدراسي ينتشرون كالطيور وينسابون كالندى وتتسابق خطواتهم نحو مناهل الحياة ومنائر التجديد يركضون بانفعال وحماس ككرات الثلج المتدحرجة.

ترى بهاء انتشارهم في الأزقة والشوارع كبهاء الضياء ولمعان الدر واكتنان اللؤلؤ .. يحملون على اصلابهم اللينة حقائب ملئتها أمهاتهم تحفيزا وحبا وعطفا وخبزا وماء ودفاتر وأقلام وتوصيات ونصائح وتعليمات ..

أحسست ان الحياة في مدننا وبوادينا تنبثق من هذا الإنتشار الطاهر للأروح الصغيرة ، وان انفاسهم المعطرة سر من اسرار الإنتعاش ومصدر هام من مصادر البهجة والإيجابية والإنتماء والولاء لذواتنا وقيمنا.

ينتظمون في ساحات المدارس كنتظام عقد مرصع حاكته يد صائغ محترف يشقون صمت الصباح بهتاف الوطن الخالد يمتلؤ فضاء شروقنا بحماسهم وصداح حناجرهم.
المعلمون والمعلمات .. هداة العلم وسراة الركب وحداة السير .. يقفون في مهام الرسل ويسيرون في درب الهداة الصالحين.

صائغي الأدمغة وبناة العقول وحماة الأجيال ..
لاشيء يمكن أن يصف عظيم مهمتهم ولا جسامة مسؤولياتهم يمسكون بين أيديهم أهم مفردة في حياتنا و كل آمالنا وطموحاتنا وكل انفعالاتنا وسرورنا.
حق على كل واحد منا ان يستثير في معلمي ومعلمات الجيل مكامن الضمير و مجامع الشعور بالمسؤولية ويستحث فيهم الإتقان والحرص..

جرحنا ما يزال طريا فالوطن أوتي من ثغرة الجهل وانقض عليه ظلام صنعته أيادي غير مؤتمنة وتفريط مستفحل لمعلمين ومعلمات تمادوا تقصيرا واستثقلوا العمل ورغبوا في التخفف وملوا التحضير والتصحيح والوسيلة والنشاط والابوة والتعايش والشفقة والرحمة .. فضاع كل شيء امامنا.. كل شيء الربح ورأس المال والمؤسسات والإمكانات والعلم والراية.. فالله الله في مستقبل اجيالنا وفي كل حرف وقلم وقرطاس وعقل استأمنوكم عليه واصبحتم مستخلفين فيه..

يجب أن لا نفجع في تعليم صغارنا ولا في اخلاقهم ولا افكارهم..
وأن لا يدخل علينا الظلام من نافذة النور..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى