أخبار المحافظةأخبار محلية

تدمير وتفجير وتشريد.. محافظة حجة ضحية النكبة الحوثية

حجة برس – الصحوة نت- تقرير/عبدالواسع راجح:

لم تكن نكبة 21 سبتمبر 2014 مجرد محطة عابرة في تاريخ اليمن، بل مأساة وطنية أعادت البلاد عقودًا إلى الوراء على مختلف المستويات. وكانت محافظة حجة واحدة من أبرز ضحايا هذه النكبة، حيث تلقت نصيبًا كبيرًا من الدمار والمآسي، ووقعت في مرمى مليشيات الحوثي المدعومة من إيران، التي رفعت شعار الموت ونفذت أجندة الخراب.

دمار شامل

لا مبالغة في القول إن الدمار الممنهج الذي يتعرض له قطاع غزة على يد الاحتلال الإسرائيلي، عاشته محافظة حجة قبل نحو عقد من الزمن. وما تزال مدينتا حرض وميدي شاهدتين على حجم الكارثة، إذ لم تغادرهما المليشيات الحوثية إلا بعد أن حولتهما إلى أنقاض.

لقد كانت حرض، المعروفة بأنها “المدينة التي لا تنام”، وميدي ذات الموقع الحيوي، مدنًا نابضة بالحياة قبل أن تطالها آلة الحرب الحوثية. واليوم، لا تزال آثار الدمار والتشريد قائمة، في مشهد يؤكد حجم التشابه بين الاحتلال الإسرائيلي ومليشيا الحوثي، وهو ما أكده رئيس مجلس القيادة الرئاسي، الدكتور رشاد العليمي، في كلمته أمام القمة العربية الإسلامية، حين وصف الطرفين بأنهما “وجهان لعملة واحدة”.

وما شهدته حرض وميدي من تهجير جماعي ودمار شبه كلي يفوق ما تعرضت له مدن أخرى في البلاد، حيث استخدمت المليشيات الأحياء السكنية والمدنيين كدروع بشرية، وحولت المدينتين إلى ساحات حرب مفتوحة، ما زالت أطلالها تروي قصصًا من الألم والخراب تحت عنوان “من هنا مرت المليشيا”.

تفجير المنازل.. سياسة الانتقام

تعدّ سياسة تفجير منازل الخصوم واحدة من أبشع الجرائم التي ارتكبتها مليشيا الحوثي الإرهابية في محافظة حجة، ولا تزال تمارسها حتى اليوم. فقد فجّرت منزل الشيخ الزرقة وسط مدينة حجة، إلى جانب منازل أخرى في مناطق بني سراع، وحجور، وغيرها، في انتهاك صارخ لكل الأعراف والقوانين.

إغلاق المنفذ.. خنق اقتصادي

من أبرز الكوارث التي خلفتها نكبة 21 سبتمبر في حجة واليمن عامة، إغلاق منفذ الطوال البري، الشريان الحدودي الحيوي مع المملكة العربية السعودية. فقد بادرت مليشيا الحوثي منذ اللحظات الأولى للانقلاب إلى الدفع بمسلحيها نحو هذا المنفذ، وتفجير الوضع عسكريًا، ما أدى إلى إغلاقه، وقطع التواصل البري بين اليمنيين والعالم.

كان منفذ الطوال يشكل رافدًا اقتصاديًا مهمًا للدولة، ومصدرًا رئيسيًا لحركة التبادل التجاري والصادرات الزراعية والحيوانية، كما كان يسهّل تنقل المواطنين بين اليمن والسعودية. ومع ذلك، وضعت المليشيا إغلاقه في صدارة أولوياتها، ما مثّل ضربة قوية للاقتصاد الوطني ولقوت المواطن اليومي.

نزوح جماعي.. مأساة مستمرة

كغيرها من المحافظات، شهدت حجة موجة نزوح كبيرة منذ اجتياح الحوثيين للمحافظة. وتشير التقديرات الرسمية إلى أن أكثر من نصف مليون شخص نزحوا داخل وخارج المحافظة بسبب الحرب، معظمهم من القرى والمناطق المتضررة. وكان في مقدمة النازحين عدد من القيادات السياسية، في ظل عدم قدرة مليشيا الحوثي على التعايش مع أي صوت مخالف، ورفضها المطلق للتعددية السياسية.

اختطافات وانتهاكات جسيمة

قدّم أبناء محافظة حجة تضحيات جسيمة في مواجهة المشروع الحوثي المدعوم من إيران. فقد تعرّض الآلاف منهم للاختطاف والتعذيب، وتعرض بعضهم للقتل داخل سجون الجماعة، في سلسلة انتهاكات تعكس حجم القمع الذي واجهه رافضو الانقلاب. ودفع أبناء حجة ثمنًا باهظًا دفاعًا عن الجمهورية ورفضًا للنكبة التي أغرقت البلاد في دوامة الفقر والجوع والجهل والمرض.

أمية وأمراض: انهيار في التعليم والصحية

لم تكن الأضرار التي خلفتها نكبة 21 سبتمبر في حجة مقتصرة على البنية التحتية، بل امتدت لتطال البنية الاجتماعية أيضًا، حيث شهدت المحافظة تراجعًا كبيرًا في معدلات التعليم، وارتفاعًا ملحوظًا في نسبة الأمية، وهو ما وفّر بيئة خصبة لغسل أدمغة الشباب واستقطابهم إلى جبهات القتال.

دفعت محافظة حجة، كغيرها من المحافظات اليمنية، ثمنًا باهظًا للنكبة الحوثية، التي انعكست بشكل مباشر على قطاعي التعليم والصحة. فقد تراجعت نسب الالتحاق بالتعليم، وارتفعت معدلات الأمية، ما وفّر بيئة خصبة لغسل أدمغة الشباب واستغلالهم في جبهات القتال والحروب العبثية.

وفي الجانب الصحي، شهدت المحافظة تدهورًا كبيرًا في مستوى الخدمات، وسط انهيار البنية التحتية للمرافق الصحية، ونقص حاد في الكوادر والأدوية، بالتزامن مع تفشي الأوبئة والأمراض بشكل غير مسبوق، خاصة في المناطق الريفية.

فقر وجوع: الضرائب تنهك المواطنين

تشير التقديرات إلى أن معدلات الفقر في محافظة حجة ارتفعت بشكل كبير خلال السنوات العشر الماضية، لا سيما في ظل سياسة الجبايات والضرائب الباهظة التي تفرضها ميليشيات الحوثي على السكان. وتُعد مناطق الشرفين وحجور، التي كانت من أبرز مناطق الإنتاج الزراعي والدخل المرتفع، من أكثر المناطق تضررًا بفعل هذه السياسات التي أنهكت السكان وامتصت مصادر عيشهم.

ازدهار المقابر: الموت بديلًا عن الحياة

في مشهد مؤلم، أصبحت المقابر – المنتشرة في مختلف مديريات محافظة حجة – واحدة من المظاهر الأكثر تعبيرًا عن حجم المأساة، حيث امتلأت بالمئات من الضحايا، غالبيتهم من الأطفال والشباب الذين زُجّ بهم في حروب جماعة الحوثي. وبدلًا من مشاريع التنمية، لم تُسجّل أي إنجازات تذكر للميليشيات منذ انقلابها، باستثناء توسع المقابر ومظاهر الحزن.

خاتمة: نكبة لن تُنسى

ما جرى في حجة يُعد جزءًا من سجل أسود طبع نكبة 21 سبتمبر، التي لم تجلب للمحافظة سوى الدمار والقتل والتشريد، وغيّبت كل مظاهر الحياة، فيما تستمر الجماعة في استنزاف ما تبقى من مقدرات الدولة والمجتمع. ويبقى الأمل معقودًا على وعي اليمنيين وقدرتهم على تجاوز هذه الحقبة، والعودة إلى درب الدولة والحرية والكرامة التي جسّدتها ثورة 26 سبتمبر المجيدة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى