كتابات

اغتيال المشهري… بين العدالة والاستغلال

أمين محمد:

تمثل جريمة اغتيال افتِهان المشهري في تعز جرس إنذار جديد يفرض على الجميع ضرورة الوقوف بحزم أمام هذه الانتهاكات، والتأكيد على أن تحقيق العدالة هو المدخل الوحيد لحماية المجتمع، وصون استقراره ومنع تكرار مثل هذه الجرائم.

إن مساندة جهود الأجهزة الأمنية ومؤسسات العدالة في أداء واجبها يظل واجباً وطنياً وأخلاقياً لا يحتمل أي مساومة سياسية أو إستغلال رخيص.

لكن، وفي الوقت نفسه، لا يقل خطراً عن الجريمة ذاتها ذلك النهج الذي تحاول بعض الأطراف من خلاله تسييس القضايا الجنائية وتحويلها إلى أدوات لتصفية الحسابات السياسية أو ضرب استقرار المجتمع.

فهذا المسار لا يقل خطورة عن تحويل الجرائم السياسية إلى مجرد قضايا جنائية وهو ما عانت منه البلاد كثيراً في محطات سابقة حين ضاعت الحقوق بين أجندات الصراع والتوظيف الممنهج للأحداث.

إن اللافت أن الوجوه التي تماهت مع انقلاب 21 سبتمبر 2014 وعملت يومها على تسويقه وتبريره هي نفسها التي تتصدر اليوم حملات التشويه ضد تعز وتحاول توظيف قضية الاغتيال للنيل من هذه المدينة وصمودها.

وفي المقابل فإن القوى والشخصيات التي قاومت انقلاب 2014 ولم تخضع لإملاءاته ما تزال هي نفسها اليوم على خط الدفاع الأول تواجه كل المشاريع التي تستهدف ضرب تعز أو تفكيك مراكز حضور الدولة والاستقرار النسبي في اليمن.

ويظل التساؤل مشروعاً ما سر التوقيت الزمني لإعادة فتح هذه القضية بهذا الشكل؟ وهل الاستغلال السياسي المكثف الذي نراه اليوم ليس سوى امتداد لذاك التاريخ الأسود في 21 سبتمبر؟ أليس هذا التحريض الممنهج صورة أخرى من “الاحتفاء” غير المعلن بما يعتبرونه دورهم في صناعة النكبة السابقة؟

إن قراءة ما يجري تذكرنا بوضوح بالسيناريو الذي عاشته البلاد عام 2014 من اغتيالات منظمة وتأجيج للقضايا وحملات تشويه إعلامي وتعبئة للرأي العام واعتصامات تُدار لخدمة مشاريع الهدم لا البناء.

واليوم يبدو أن ثمة من يحاول إعادة إنتاج ذات المشهد مع اختلاف التفاصيل لكن بذات الهدف إدخال تعز وسائر المناطق المستقرة نسبياً في دوامة الفوضى.

إن الواجب الوطني والإنساني يحتم علينا أن نفرّق بين مطلب العدالة المشروع الذي يجب أن يسير حتى نهايته، وبين الاستغلال السياسي المريب الذي لا يخدم سوى أجندات الهدم.

فالعدالة هي الضمانة للمجتمع، أما تسييسها فهو الطريق الأقصر لإعادة إنتاج الكوارث.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى