البرلماني مايو يدعو لدعم إجراءات البنك المركزي بموازنة وإصلاحات شاملة
حجة برس – متابعات:
كشف البرلماني إنصاف مايو، عضو مجلس النواب عن تفاصيل خطيرة تتعلق بالأزمة المالية والنقدية التي تعيشها البلاد، معتبرًا أن الإجراءات الأخيرة للبنك المركزي – وإن جاءت متأخرة – تمثل “خطوة في الاتجاه الصحيح” لإنقاذ الاقتصاد الوطني من الانهيار.
وفي مداخلة له عبر برنامج “مستقبل وطن” على قناة سهيل، وصف مايو قرار البنك المركزي بإيقاف نحو 50 إلى 60 شركة ومكتب صرافة متورطة في المضاربة، بأنه إجراء “مهم ومطلوب”، مشيرًا إلى أن هذه الإجراءات ستؤثر في إدارة السيولة وتنظيم قطاع الصرافة الذي كان غارقًا في “حالة فوضى” لفترات طويلة.
وأضاف أن اللجنة البرلمانية التي التقت بمحافظ البنك منتصف عام 2023 وثقت وجود أكثر من 1,200 شركة ومكتب صرافة تعمل دون تراخيص، مقابل نحو 320 مرخصًا فقط، وهو ما يوضح حجم الاختلال الذي فتح الباب أمام عمليات مضاربة أضعفت الريال وأثّرت بشكل مباشر على معيشة المواطنين.
وطالب مايو خلال حديثه بإحالة الشركات المخالفة إلى القضاء ومحاسبتها لضمان عدم تكرار العبث بالسوق النقدي. كما شدد على أن هذه الإجراءات لن تؤتي ثمارها بمفردها، ما لم تُرافقها حزمة إصلاحات حكومية شاملة تهدف إلى ضبط الإيرادات، وترشيد الإنفاق، واستعادة ثقة السوق.
وفي الجانب الحكومي، رحب النائب بخطوة الحكومة تشكيل لجنة لتنظيم وتمويل الواردات، واعتبرها خطوة في الاتجاه الصحيح لوقف فيضان الكماليات التي أغرقت السوق واستنزفت العملات الصعبة. ولفت إلى رصد حالات تهرب ضريبي وجمركي خطيرة، من بينها إدخال نحو 1,280 سيارة دون دفع أي رسوم أو ضرائب، وهو ما ينعكس مباشرة على موارد الدولة ويزيد من هشاشة الموازنة العامة.
وشدد مايو على أن استعادة التوازن الاقتصادي تتطلب تنسيقًا وثيقًا بين سياسات البنك المركزي والحكومة، من خلال إعداد موازنة عامة للدولة للعام 2026م تُقرّها الحكومة ويُصادق عليها مجلس النواب، محذرًا من أن غياب الموازنة يترك الإنفاق والإيرادات رهينة “الأمزجة”، ويعمّق حالة العشوائية الإدارية والمالية.
وأضاف أن الحكومة تمتلك القدرة الفنية على إعداد مسودة موازنة قابلة للتنفيذ، وعرضها على مجلس النواب للمصادقة، مؤكدًا أنه لا معنى لموازنة لا تحظى بموافقة المجلس، معتبرًا أن ذلك ليس أمرًا مستحيلًا إذا توفرت الإرادة السياسية الجادة.
ونوّه مايو إلى تقارير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، التي كشفت عن امتناع عدد من المحافظات والمنافذ البرية والموانئ عن توريد الإيرادات المركزية إلى الحساب العام للحكومة لدى البنك المركزي، وتحويلها بدلًا من ذلك إلى حسابات خاصة تحت مسمى “حساب دعم المحافظة”، مشيرًا إلى أن بعض هذه الإجراءات تتم بتوجيهات رسمية مخالفة للقانون.
كما انتقد فتح بعض الوزارات والهيئات الحكومية حسابات لدى شركات صرافة بدلًا من البنوك، مستشهدًا بمؤسسة حكومية محلية في إحدى المحافظات بلغ حجم تعاملاتها مع شركات الصرافة في عام 2023 نحو 400 مليار ريال يمني، واصفًا ذلك بـ”العبث المالي” الذي يُعيق إدارة السياسة النقدية للدولة.
ودعا مايو إلى إغلاق الحسابات الحكومية لدى شركات الصرافة وتحويلها إلى النظام المصرفي الرسمي، مع تفعيل صلاحيات وزير المالية لضبط هذا الخلل، مطالبًا كذلك بمراجعة أداء الجهات الضريبية والجمركية، ووقف التدخلات المحلية التي تمنح إعفاءات أو تخفيضات غير قانونية، تضر بخزينة الدولة.
وأكد أن تثبيت سعر الصرف واستعادة قيمة العملة الوطنية لا يمكن أن يتحققا بقرارات منفردة، بل عبر “مصفوفة إصلاحات” تشمل: تعزيز استقلالية البنك المركزي، إحكام الرقابة على سوق الصرافة، توريد كل موارد الدولة إلى الحساب المركزي، وإقرار موازنة شفافة ومعلنة.
وفي ختام حديثه، عبّر النائب إنصاف مايو عن تفاؤله بإمكانية استعادة التوازن النقدي وتحسين معيشة المواطنين، إذا توفرت إرادة سياسية جادة ومخلصة.