طلاب الإصلاح حُرَّاس قيم المواطنة في اليمن
المهندس أحمد سيف القباطي:
في خضمّ التحولات الكبرى التي شهدتها الساحة اليمنية ومازالت تشهدها، تبرز شريحة طلابيةٌ مؤثرةٌ تحمل على عاتقها رسالةَ بناء الإنسان وتجديد الفكر، وتعمل بهدوءٍ وإصرارٍ لصناعة مستقبلٍ أكثر إشراقًا. إنهم طلاب التجمع اليمني للإصلاح، الذين لم يكونوا مجرد مشاركين عاديين في المشهد، بل كانوا قوة دفعٍ رئيسية في تعزيز المشاركة السياسية والاجتماعية السلمية، وروّادًا للتغيير القائم على الفكر والحوار، لا على العنف والإقصاء.
لقد فهم هؤلاء الطلاب أن العمل السياسي الحقيقي لا يبدأ في قاعات البرلمانات، بل في ساحات المعاهد والجامعات، حيث تُصقل الشخصية، وتتكون المبادئ، وتُناقش الأفكار. ومن هذا المنطلق، عمل إصلاح الطلاب على تمكين زملائهم في التعليم الثانوي والجامعي من ممارسة حقوقهم النقابية والفكرية بشكلٍ واعٍ، ليس كغاية في ذاتها، بل كجسرٍ لتجويد تجربة الطالب وترشيد فكره، وتمكينه من المساهمة في صناعة القرارات التي تمسّ حياته ومستقبله. إنهم يؤمنون إيمانًا راسخًا بأن تطوير الخيارات الحياتية للشعب اليمني لا يكون بالانكفاء على الذات أو اللجوء إلى القوة، بل بانفتاح العقل وقبول الآخر والاعتراف بحقه في الاختلاف، والتنافس الشريف حول الأفكار والبرامج التي تخدم المصلحة العامة.
إن فلسفة “الإصلاح” الطلابي تنبذ الانغلاقَ والتعصّبَ بكل أشكالهما؛ العرقي والسلالي والمناطقي، ولا تصوغ فكرها في أبراج عاجية، بل تدفع بطلابها إلى الفضاءات المفتوحة، إلى الساحات التعليمية حيث الحوار الحرّ والتنافس النبيل. إنها تزرع فيهم أن المساواة هي الأساس، فكل الطلاب سواسية في الحقوق والواجبات، لا فضل لأحد على آخر إلا بجهدهِ وعطائهِ وإنسانيته.
ولقد كانت بصمات هؤلاء الطلاب واضحةً وجليّة في كثيرٍ من المحطات الاستراتيجية التي مرّ بها اليمن. ففي ساحات التعليم، كانوا منبرًا للتوعية ونشر ثقافة المشاركة والمسؤولية. وفي المجال العام، أسهموا بشكلٍ فعّال في ترسيخ التجارب الانتخابية ونزاهتها، مؤمنين بأن صناديق الاقتراع هي المعبر الحقيقي لإرادة الشعوب. كما تميزوا بدورٍ محوري في حماية مسارات التدافع السلمي والسياسي، وكانوا جنودًا مجهولين في التوعية بمخرجات الحوار الوطني، ناقلين مضامينه إلى شرائح المجتمع المختلفة بلغةٍ يفهمونها.
النتيجة الطبيعية لهذا الجهد المتواصل كانت بزوغ جيلٍ كاملٍ من الشباب اليمني المؤمن بالمشاركة، المتشبّث بقيم المساواة، المدافع عن الحريات والحقوق، الرافض رفضًا قاطعًا لأفكار التطرف والإرهاب والعنف. لقد أصبح جزءٌ كبيرٌ من طلاب الإصلاح الأمس، قادةً اليوم في مواقع سياسية وإعلامية واجتماعية مختلفة، يحملون نفس الشعلة، ويواصلون نفس الرسالة. إنهم حراسٌ مناضلون يدافعون عن استمرارية العمل السياسي المدني، ويذودون عن حقوق المجتمع، ويحملون لواء مبادئ العدالة والمواطنة.
باختصار، يبقى طلاب الإصلاح هم جوهر كل تطورٍ إيجابي في مسار الحريات والحقوق والتغيير السياسي في اليمن. هم قادة صناعة الخيارات المجتمعية نحو العيش بكرامةٍ وسلام، وحَمَلةُ مشروعٍ نهضويّ يؤمن أن المستقبل يُبنى بالفكر لا بالعنف، وبالتنافس لا بالتصادم، وبالقبول بالآخر لا بإلغائه. هم رهان اليمن على غدٍ أفضل.